داء تصلب شرايين الأطراف وقصور التروية

Artériopathie oblitérante des membres inférieurs (AOMI) : conseils

بقلم د. حميد شنان

بصفة عامة، يبدأ داء تصلب شرايين الأطراف بعرج متقطع (claudication intermittente)
وهو عبارة عن ألم يسببه نقص شديد في الجريان الدموي، يحدث بشكل خاص أثناء أداء نشاط حركي فيزيائي.
عادة ما يكون السبب في ذلك هو حدوث انسداد في الأوعية الدموية في الساقين.

يلاحظ المريض في البداية حدوث الألم بالترافق مع أداء نشاط حركي رياضي، وبتطور الحالة وازديادها سوءاً فقد يظهر الألم حتى أثناء الراحة.

لحسن الحظ فإنه مع العلاج الصحيح يمكن للمريض أن يستعيد نمط حياته والنشاط اليومي الذي اعتاد عليه دون عودة الألم الذي كان يعاني منه.

الأعراض :

تتضمن أعراض العرج المتقطع ما يلي:

• ألم أثناء أداء النشاطات الحركية douleurs à l’effort :

حيث قد يشعر المريض بالألم في كل من القدمين و الركبتين و الفخذين و الوركين أو الردفين اعتماداً على مكان وجود التضيق أو الأذية الشريانية ، كما قد يحدث العرج المتقطع في شرايين الذراعين.

• ألم متقطع claudication intermittente :

قد يتحرض الألم و يخبو بالترافق مع زيادة شدة النشاطات الحركية و تخفيفها.

• ألم أثناء الراحة ischémie repos:

و ذلك بتقدم الحالة حيث قد يصل المريض لأن يشعر بالألم في الساقين أثناء الجلوس أو الاستلقاء.

• تغير لون الجلد أو تقرحه ulcères artériels de jambe :

و ذلك في الحالات الشديدة من العرج المتقطع، حيث قد تأخذ أصابع القدمين أو اليدين لوناً مزرقاً أو قد تصبح باردة الملمس.

كما قد تتطور قرحات وعائية في القسم السفلي من الساقين والقدمين وأصابع القدمين أو الذراعين أو أصابع اليدين.

تتضمن الأعراض و العلامات الأخرى:

• إحساس مؤلم أو حارق aching or burning feeling ؛
• ضعف عضلي Weakness ؛
• ضعف أو عجز جنسي عند الرجال impotence.

متى تذهب لزيارة الطبيب؟

استشر طبيبك إذا كنت تعاني من ألم في الساقين أو الذراعين أثناء أداء النشاطات الحركية، فقد يسبب العرج المتقطع و داء الشرايين المحيطية إن تركا دون علاج تدهوراً في نوعية الحياة التي يعيشها المريض.

قد يسبب العرج المتقطع حداً من قدرة المريض على المشاركة في النشاطات الاجتماعية والترفيهية، كما قد تؤثر على العمل وقد تجعل من الصعب عليه أن يحتمل النشاطات الفيزيائية.

الأسباب:

غالباً ما يكون العرج المتقطع أحد أعراض داء الشرايين المحيطية، والذي يحدث فيه أذية الأوعية الدموية التي تزود الأطراف بالتروية الدموية التي تحتاجها، وغالباً ما تحدث هذه الأذية كنتيجة للتصلب العصيدي atherosclerose.

قد يتطور التصلب العصيدي في أي من شرايين الجسم وخاصة شرايين القلب، وعندما يصيب التصلب العصيدي شرايين الذراعين والساقين فهو يسمى عندها داء الشرايين المحيطية.

يسبب التصلب العصيدي نقصاً في مرونة الشرايين وتضيقاً فيها، وذلك بسبب انسداد هذه الشرايين بتجمعات من المواد الدهنية كالكولسترول وغيرها، لتشكل ما يسمى باللويحات العصيدية plaques atherosclereuses.

تسبب هذه اللويحات تضيق الشرايين التي تتشكل فيها مما يعيق الجريان الدموي الطبيعي عبرها.

يشعر المريض المصاب بهذه المشكلة بالألم لأن عضلات الساقين لا تحصل على الكمية اللازمة من الدم المؤكسج.

ليس العرج المتقطع السبب الوحيد الذي يمكن بالضرورة أن يسبب مثل هذه الأعراض، و تتضمن الحالات الأخرى التي تترافق مع أعراض مشابهة والتي يجب أن توضع في الحسبان تضيق القناة الفقارية sténose spinale، و اعتلال الأعصاب المحيطية neuropathies، والأمراض العضلية الهيكلية بالإضافة إلى الخثار الوريدي العميق thrombose veineuse .

عوامل الخطورة:

إن عوامل الخطورة للإصابة بالعرج المتقطع هي نفسها العوامل التي تؤهب للإصابة بالتصلب العصيدي الشرياني والتي تتضمن:

• التدخين؛
• ارتفاع الكولسترول الكلي في الدم عن 240 ملغ/100 مل؛
• ارتفاع ضغط الدم؛
• البدانة (مؤشر كتلة الجسم BMI يتجاوز 30)؛
• داء السكري؛
• التقدم في العمر (أكبر من 50 سنة)؛
• تجاوز ال 50 سنة من العمر إذا وجدت عوامل أخرى كالتدخين أو الداء السكري؛
• وجود قصة عائلية للإصابة بالتصلب العصيدي الشرياني وداء الشرايين المحيطية peripheral artery disease أو العرج المتقطع.

وعلى الرغم من ندرة ذلك، فقد يحدث في الحالات الشديدة جداً صعوبة في اندمال الجروح والتقرحات الجلدية التي قد تحدث في المنطقة، كما قد تتطور إلى إصابة بالغانغرينا gangrene تسبب تموت النسيج الحيوي وقد تحتاج إلى بتر الطرف المصاب.

التحضير لزيارة الطبيب
غالباً ما يبدأ المريض باستشارة طبيب العائلة والذي قد يحيله إلى الطبيب الأخصائي بالاضطرابات الوعائية (أخصائي جراحة الأوعية، Chirurgien vasculaire).

ما الذي تستطيع فعله؟

• سجل قائمة بالأعراض التي تعاني منها: متضمنة أياً من الأعراض التي لا تظن أنها تمت للشكاية الأصلية بأية صلة؛
  • سجل المعلومات المهمة عن حياتك الشخصية: متضمنة أي ضغوطات كبيرة أو توتر نفسي قد طرأ على حياتك مؤخراً؛
  • سجل قائمة بالعلاجات الدوائية التي تتناولها: بالإضافة إلى الفيتامينات والمتممات الغذائية الأخرى وجرعة كل من هذه الأدوية؛
  • اصطحب معك صديقاً مقرباً أو أحد أفراد العائلة: فقد يصعب عليك بمفردك أن تستوعب الكم الكبير من المعلومات التي قد يقولها الطبيب، وقد يتذكر الشخص الآخر شيئاً قد أغفلت الانتباه عنه.
  • سجل قائمة بالأسئلة التي تود طرحها على الطبيب: و رتبها من الأكثر أهمية إلى الأقل أهمية وفيما يلي بعض الأسئلة المهمة في موضوع العرج المتقطع:
  ° ما هو السبب الأكثر احتمالاً للأعراض التي أعاني منها؟
  ° ما هي الاختبارات التي أحتاج إلى إجرائها؟
  ° هل هي حالة مؤقتة أم أنها مزمنة السير المرضي؟
  ° ما هي العلاجات المتوافرة، و أياً منها تقترح لعلاج حالتي؟
  ° ما هي التغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تفيد في حالتي؟
  ° ما هي الآثار الجانبية المتوقعة للعلاجات الدوائية التي قد أحتاجها؟
  ° هل هناك حاجة لتحديد النشاطات الفيزيائية التي أقوم بها؟
  ° أعاني من الحالات المرضية الأخرى التالية، ما هي الطريقة المثلى لتدبيرها بوجود إصابتي؟
  ° هل هناك بدائل للخطة العلاجية التي تقترحها؟
  ° هل هناك أية مطبوعات أو مواقع انترنت أستطيع الاطلاع عليها لأعرف أكثر عن حالتي؟

لا تتردد عن سؤال الطبيب عن أي استفسار إضافي يدور في خاطرك.

ما الذي تتوقعه من الطبيب الجراح ؟

تتضمن الاختبارات الشائعة المستخدمة في تشخيص العرج المتقطع:

• تحري النبض في القدمين وفحص سريري دقيق: حالة جلد القدمين، برودة الاطراف، شحوب، تقرحات ..
• المؤشر الكاحلي العضدي Ankle-brachial index والذي يجرى للمقارنة بين ضغط الدم في الكاحلين وضغط الدم في الذراعين index de bras systolique IPS؛
• الفحص بالصدى الملون Echodoppler، الذي يقوم بدراسة الجريان الدموي عبر الأوعية في المنطقة المصابة؛
• الرنين المغناطيسي MRI أو تصوير الأوعية الطبقي المحوري CTA لتحري الأذيات أو الانسدادات الحاصلة على مسار الأوعية.

قد يكون الألم الذي يعاني منه المريض عائداً إلى سبب مرضي آخر مثل اضطرابات النخاع الشوكي أو المفاصل أو العضلات.
يقوم الطبيب بوضع التشخيص بالاعتماد على الأعراض والعلامات والتاريخ المرضي للمريض بالإضافة إلى نتائج الفحص الفيزيائي والاختبارات التشخيصية المناسبة.

العلاج : جراحة الأوعية و الأدوية

تعمل العلاجات المطبقة في سياق العرج المتقطع وداء الشرايين المحيطية على الوقاية من تطور الإصابة وتخفيف الأعراض التي يعاني منها المريض وخصوصا الوقاية من بتر العضو المريض.
إذا لم تتحسن الأعراض التي يعاني منها مريض العرج المتقطع بعد تطبيق التعديلات الصحية على نمط الحياة فقد يقترح الطبيب إجراء خيارات علاجية أخرى والتي قد تتضمن:

• العلاجات الدوائية traitement médicamenteux :
  قد يقترح الطبيب على المريض أن يتناول الأسبرين aspirine وذلك للحد من تضيق الشرايين، كما قد يصف علاجات دوائية للوقاية من تشكل الجلطات الدموية مثل الكلوبيدوغريل clopidogrel والديبريدامول dipyridamole والتيكلوبيدين ticlopidine، كما يسهم المركب سيلوستاول cilostazol في تحسين التروية الدموية و تخفيف الأعراض.

بالإضافة لذلك، فقد يصف جراح الأوعية إن دعت الحاجة دواءاً خافضاً للكولسترول مثل مركبات الستاتين statin لخفض مستوى الكولسترول في الدم.

• جراحة الأوعية : رأب و تصنيع الأوعية pontage / PTA-Stent:
  لعلاج الحالات الأكثر شدة و خطورة من العرج المتقطع و داء الشرايين المحيطية، وهي عملية تهدف إلى توسيع الشرايين المسدودة باستخدام أنبوب دقيق مزود ببالون قابل للنفخ في نهايته ويتم إدخاله وتمريره عبر الأوعية الدموية إلى مكان التضيق ومن ثم ينفخ البالون لإحداث التوسيع وتحسين التروية الدموية.
  غالباً ما يتم بعد ذلك زرع شبكة معدنية أو بلاستيكية stent في نفس الوقت في مكان التوسيع للحفاظ على الشريان مفتوحاً.
  يقترح جراح الأوعية هذه الجراحة في الحالات البسيطة و البدائية…
  قد يقترح الطبيب إجراء تدخل جراحي وعائي يهدف إلى زرع وصلة وعائية من وعاء آخر سليم في الجسم لاستبدال الوعاء الدموي الذي يسبب العرج المتقطع والتي توصل بين ما قبل الانسداد إلى ما بعده chirurgie de pontage.

تسمح هذه العملية بتصحيح جريان الدم حول المنطقة المتضيقة أو المسدودة من الشريان.

نمط الحياة والوصفات المنزلية:

غالباً ما تكون اللويحات العصيدية المتشكلة في الأوعية الدموية نتيجة لنمط غير صحي من الحياة اليومية، ولذلك يعد تعديل نمط الحياة حجر الأساس في علاج العرج المتقطع والالتزام بالعادات الصحية والتوقف عن العادات الضارة:

• الإقلاع عن التدخين: فالتدخين هو عامل الخطورة الأكثر أهمية في بدء الإصابة بداء الشرايين المحيطية أو تطورها.

يزيد التدخين من احتمال حاجة المريض في النهاية إلى إجراء بتر الطرف أو حتى موته بسبب المرض، كما يجب تجنب التعرض للتدخين السلبي أيضاً.

• التمارين الرياضية: قد يتساءل القارئ كيف من الممكن أن تكون التمارين الرياضية مفيدة في حين أنها المحرض الأساسي لحدوث الألم؟

في الحقيقة تسهم التمارين الرياضية في تكيف العضلات لتقوم باستخدام الأكسجين المتوافر مع الجريان الدموي بالشكل الأمثل، وبالتالي فحتى لو تعرضت العضلات إلى نقص في الوارد إليها من الأكسجين فمن الممكن أن تستغل المتوفر من الأكسجين بشكل أكثر فعالية.

قد يعني ذلك حدوث أقل مقدار من الألم المرافق للنشاط الحركي، ومن المفيد أن يلتزم المريض بنظام حركي قابل للتعديل بالتدريج يمكنه من زيادة المسافة التي يستطيع أن يقطعها على قدميه دون أن يشعر بالألم مع مرور الوقت.

• مراقبة مستويات الكولسترول في الدم والتحكم بها: وقد يصف الطبيب دواءاً خافضاً للكولسترول إذا كان المريض يعاني من ارتفاع في مستوى الكولسترول في الدم.

كما يجب أن يلتزم المريض بحمية غذائية منخفضة الدهون مع التأكيد على أهمية الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة والبقوليات التي قد تكون مفيدة أيضاً.

يجب ألا ينسى المريض أن يجمع ذلك مع التمارين الرياضية المناسبة، ويمكن لهذه الإجراءات أن تسهم في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكولسترول المرتفعة والتي يسهم كلاهما في تشكل العصائد الشريانية.

• تجنب مجموعة معينة من الأدوية: يجب أن يتجنب المريض تناول الأدوية التي تسبب تقبض الأوعية الدموية، ومنها العديد من الأدوية التي تستخدم في علاج الزكام والتهاب الجيوب الأنفية والتي تصرف دون وصفة طبية وتحوي على البسودوإفيدرين pseudoephedrine والمعروف تأثيره كمقبض وعائي.

استشر طبيبك فيما لو كان هناك أدوية أخرى تحتاج أن تتجنبها.

• تجنب الأذيات التي قد تصيب القدمين والساقين: حيث يزيد النقص في معدل الجريان الدموي من خطر حدوث الاختلاطات النتاتجة عن الإصابات.

والتقيد بارتداء حذاء مريح للقدم لتوفير الحماية الملائمة إذا كنت تشارك في نشاطات وأعمال قد تلحق الأذية بقدميك.

المتابعة والدعم:

قد يرعب المريض أن يعرف أن السبب وراء الألم الذي يعاني منه هو تضيق الأوعية الدموية، ومن المهم أن يعرف المريض ما أمكن عن إصابته للمساعدة على السيطرة على الحالة والتوتر المرافق لها وليتعلم بشكل جيد أهم الخطوات التي يجب أن يتبعها لتخفيف الألم عند حدوثه.

كما يجد بعض المرضى فائدة من الحديث مع أشخاص آخرين يعانون من نفس المشكلة ليتشاركوا المخاوف والأحاسيس المرافقة للحالة.

الوقاية:

الطريقة المثلى للوقاية من العرج المتقطع هو الحفاظ على نمط الحياة الصحية وذلك يعني:

• الإقلاع عن التدخين إن كنت مدخناً؛
• الالتزام بالتمارين الرياضية المنتظمة؛
• خفض مستويات الكولسترول والضغط الدموي عند الضرورة؛
• الالتزام بحمية غذائية فقيرة بالدهون المشبعة؛
• المحافظة على الوزن المثالي.