داء السكري أحد أهم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين

نبذة خفيفة عن داء السكري : أحد أهم عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين
Breffing sur le diabète : un des principaux facteurs de risque cardio-vasculaires
Médecine vasculaire préventive
د. حميد شنان
مرض السكر ( أو الداء السكري ) عبارة عن مجموعة من الأمراض الناجمة عن خلل في هـرمون الإنسولين ، الذي يُفرز بدوره من البنكرياس ( البنكرياس هو أحد أعضاء الجسم ؛ و يوجد خلف المعدة ) ، و يقوم هرمون الإنسولين بتخزين السكرفى الخلايا ؛ و بمساعدة الجسم على الاستفادة من السكريات و الدهون التي نتناولها فى الطعام . ينجم مرض السكر عن إحدى الأسباب الآتية :
- عدم قدرة أو عجز البنكرياس نهائيا على إفراز هرمون الإنسولين ؛
• إفراز البنكرياس لكميات ضئيلة من هرمون الإنسولين ؛
• حدوث ما يسمى ” المناعة ضد الإنسولين “ : أي عدم استجابة الجسم بالقدر الكافي لهرمون الإنسولين .
من المعروف أن مرض السكر يظل ملازما للمريض مدى الحياة ؛ إلا أن ثلث المرضى غير مدرك لإصابته بالمرض . بالإضافة إلى ذلك ، يوجد الكثير من المرضى المصابين بما يسمى “السكر الوشيك “ أو مرحلة ما قبل تشخيص مرض السكر pre-diabetes . و حيث أنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى علاج شاف نهائي لمرض السكر ؛ لذا يجدر بالمرضى معرفة كيفية التعامل مع هذا المرض من أجل الاحتفاظ بالصحة مدى الحياة .
ماهو دور الإنسولين فى مرض السكري؟
من أجل تفهّم أو استيعاب أهمية الإنسولين بالنسبة إلى مرض السكر ، يجدرالتنويه إلى كيفية استفادة الجسم من الطعام ؛ من أجل إنتاج الطاقة .
يتكون الجسم من ملايين الخلايا التى تحتاج إلى غذاء عناصره بسيطة التركيب ؛ حتى يتسنى لهذه الخلايا توليد الطاقة اللازمة للجسم . فعند تناول الطعام أو الشراب يتحول الكثير منه إلى إحدى أنواع السكر المُسمّى ” Glucose ” ؛ وهو مادة بسيطة التركيب. يُنقل هذا الجلوكوز بعد ذلك عبر الدم إلى الخلايا ، حيث يتم استغلاله في توليد الطاقة اللازمة للجسم ؛ حتى يتسنى له القيام بوظائفه اليومية .
يتحكم هرمون الإنسولين بصورة كاملة فى تحديد مستوى الجلوكوز بالدم glycémie ، إذ أنّ هذا الهرمون يُفرز بانتظام من البنكرياس pancréas ، بكميات قليلة ، فى الأحوال العادية . و لكن فى حالة ارتفاع نسبة السكر فى الدم إلى حدّ معين ؛ يُحفّز هذا الارتفاع البنكرياس ؛ فيقوم بإفراز كميات كبيرة من الإنسولين ، لدفع الجلوكوز الزائد إلى دخول الخلايا ، و بهذا يعود مستوى الجلوكوز بالدم blood glucose levels ، مرة أخرى إلى المستوى الطبيعى .
و للحيلولة دون انخفاض معدل السكر فى الدم إلى مستوى مُتدنّى ؛ يقوم الجسم بإرسال بعض الإشارات الخاصة ؛ التى تفتح شهيتك على الطعام ، و كذلك تؤدي إلى تحريك بعض الجلوكوز المُخزّن فى الكبد و نقله منه إلى الدم .
وُجد أن إصابة المرضى بمرض السكر، تكون إما نتيجة عجز البنكرياس الكلي عن إفراز هرمون الإنسولين ؛ أو نتيجة حدوث مناعة فى خلايا أجساد هؤلاء المرضى ضد تأثير الإنسولين ، مما يؤدى بدوره إلى ارتفاع نسبة السكر فى الدم ؛ و هو ما يطلق عليه ” السكر المرتفع فى الدم ” . و لقد اتُفق على تعريف مرض السكر على أنه : ارتفاع فى نسبة السكر بالدم إلى مستوى 1,26 g /l أو أكثر ؛ و ذلك عند قياسه بعد الصيام ( أي الامتناع عن الطعام طوال الليل ) .
ماهي أنواع مرض السكر؟
- النوع الأول من مرض السكر diabète de type 1 :
يحدث النوع الأول من مرض السكر نتيجة تدمير الجهاز المناعى بالجسم لخلايا البنكرياس و المسماة ” CELLULES ß ” ، و هى التى تفرز الإنسولين ، و من ثمّ يعانى مرضى النوع الأول من السكر من عجز البنكرياس التام عن إفراز الإنسولين ؛ مما يستلزم حقن هؤلاء المرضى بالإنسولين ؛ حتى يمكن السيطرة على ارتفاع نسبة السكرفى الدم .
و بالرغم من أن النوع الأول من مرض السكر يصيب ، في أغلب الأحيان ، المرضى ممن تقل أعمارهم عن العشرين عاما ، إلا أنه قد يصيب أيضا أي إنسان في أي مرحلة عمرية .
- النوع الثانى من مرض السكر diabète type 2 :
على عكس النوع الأول ؛ يستطيع البنكرياس لدى مرضى النوع الثانى من مرض السكر إفراز بعض من هرمون الإنسولين ؛ إلا أنه إما ليس بالقدر الكافي لتلبية إحتياجات الجسم ، أو أن الجسم يُكوّن مناعة ( مقاومة ) ضد مفعول الإنسولين ؛ تحول دون الاستفادة منه ؛ و فى أي من هاتين الحالاتين يتعذر دخول الجلوكوز إلى داخل الخلايا ؛ مثلما يحدث في الأحوال الطبيعية .
النوع الثانى من مرض السكر هو أكثر أنواع مرض السكر شيوعا، و بالرغم أنه مرض يمكن الوقاية منه ، إلا أن مضاعفاته لدى البالغين ، هي السبب الرئيسى لإصابتهم بالعمى ، أو ببتر الأعضاء (بالرغم من عدم تعرض المريض إلى أي حادث ) ، أو بالفشل الكلوي المزمن ، الذي يدفع بالمريض في النهاية إلى إجراء الغسيل الكلوي . يصيب النوع الثانى من مرض السكرعادة المرضى البدناء ممن تجاوزت أعمارهم الأربعين عاما ، إلا أنه قد يصيب أيضا مرضى ذوي أوزان معتدلة . و يُطلق أيضا على هذا النوع اسم مرض السكر للبالغين “adult-onset diabetes “؛ إلاأنه قد لوحظ مؤخرا ارتفاع في معدل الإصابة بهذا النوع من المرض ، لدى الأطفال ، نظرا لازدياد البدانة بين الشباب اليافع .
و تؤدي الإصابة إلى ظهور داء تصلب الشرايين و وبالتالي ظهور مشاكل القلب و الشرايين.
بينما يتمكن بعض المرضى من السيطرة على هذا النوع من مرض السكر عن طريق الحفاظ على الوزن السليم ، و تحري الدقة فيما يتناولونه من أطعمة ؛ و كذلك ممارسة الرياضة بانتظام ، إلا أن البعض الآخر يضطر إلى اللجوء إلى تناول الأقراص لمساعدة الجسم على الاستفادة من الإنسولين الطبيعى بصورة أفضل ؛ أو الحقن بالإنسولين .
و يستطيع الأطباء عادة التنبؤ باحتمالية إصابة المريض بالنوع الثانى من مرض السكر ، حتى قبل ظهور الأعراض ؛ و يطلق على هذه المرحلة : مرحلة ” ما قبل ظهورمرض السكرمن النوع الثانى ” أو مرحلة ” مرض السكر الوشيك “pre – diabetes ” ، و هي المرحلة التي يرتفع فيها معدل السكر بالدم إلى أكثر من المستوى الطبيعى و لكن ليس بالقدر الكافى لتشخيص هذا النوع الثاني من مرض السكر.
على العموم، يعد داء السكري أحد أهم عوامل الخطر المؤدية إلى الإصابة بداء تصلب الشرايين وظهور المضاعفات القلبية و الوعائية، خصوصا في حال وجود أخطار أخرى كالتدخين و ارتفاع نسبة الدهون في الدم و ارتفاع الضغط الدموي.
لهذا، تتوجب الوقاية المبكرة باتباع نظام حياة متوازن (تغذية، رياضة، هدوء، نوم جيد…) و عدم التردد في استشارة الطبيب (الطب العام أو طب الغدد الصماء و السكري ).
في حالة ظهور داء السكري لدى المريض، يتوجب على الطبيب المعالج وضع برنامج علاجي ووقائي سنوي للمريض، يتسنى للمريض من خلاله استشارة الأخصائيين للمراقبة و الكشف المبكر عن المضاعفات المحتملة، مثلا :
– زيارة سنوية لطبيب العيون لفحص شبكة العين؛
– زيارة سنوية لجراحة الأوعية لفحص و علاج أي مشكل وعائي لتفادي : الجلطة الدماغية، بتر الأعضاء الخ..
– زيارة سنوية لطبيب القلب لعمل التخطيط و مراقبة وظيفة القلب؛
– و طبعا فحص الدم السنوي لمراقبة وظيفة الكلي، و استشارة طبيب الكلي إذا استدعت الضرورة.