قرحة الساق الوريدية

قرحة الساق الوريدية : مرض شائع بدون تشخيص، دور جراح الأوعية الحاسم في التشخيص و العلاج
Ulcère veineux de la Jambe : Rôle pivot du chirurgien vasculaire
بقلم د. حميد شنان
تُعرف قرحة الساق الوريدية على أنها جرح مزمن غير معافى مع تهتك في الجلد والأنسجة المكشوفة. تنشأ قرحة الساق الوريدية عادة في الجانب الداخلي من الساق، فوق الكاحل مباشرة. غالباً ما تكون غير مؤلمة عند الراحة ومؤلمة عند الحركة، وخاصة عند ترافقها بالتعفن البكتيري (عدوى). لكن غالباً ما يمكن أن تُحَل مشكلة الألم بالعلاج الصحيح .
يرافق هذا الجرح عادة بمايلي :
– وذمة (œdème) بالكاحلين مليئة بالسائل تحتفظ بأثر بصمة إصبعك مؤقتاً عند الضغط عليها (المعروفة باسم وذمة منطبعة ).
– تغير لون الجلد واسوداده حول القرحة (المعروف باسم داء هيموسيديريني hemosiderine).
– تصلب الجلد حول القرحة، الأمر الذي قد يجعلك تشعر بقساوة في ساقك (المعروفة باسم تصلب شحمي جلدي Lipodermatosclerose).
– مناطق صغيرة و ملساء من الجلد الأبيض، والتي قد تحوي على بقع حمراء صغيرة (تُعرف بإسم ضمور أبيض Atrophie blanche de Milian).
في الوضع الطبيعي، يتدفق الدم عادة عبر الأوردة متجها نحو القلب من خلال صمامات أحادية الاتجاه، تحول دون تدفق الدم إلى الوراء. وفي حالة إصابة الوريد بخلل في وظيفة صمامات الأوردة السطحية أو العميقة (بعد جلطة دموية أو عيب خلقي وظيفي)، لا تغلق الصمامات على الوجه الملائم، مما يسبب تجمع الدم في الأوردة في القدم و الساق وتضخم الوريد مما يسبب خروج الماء حسب القوانين الفيزيائية إلى الأنسجة المحيطة بالأوردة و الضغط على الشعيرات الدموية الرقيقة، مما يسبب موت الخلايا الجلدية و حدوث القرحة.
تُسبَّب الأعراض المرتبطة بقرحة الساق الوريدية عن طريق الدم الذي لا يتدفق بشكل صحيح داخل أوردتك. هذا ما يُعرف باسم القصور الوريدي، ويمكن أن يسبب:
- ألم في الساق، يمكن أن يكون مستمراً أو متقطعاً؛
- شعور بالثقل في الساق المتأثرة؛
- ألم؛
- حكة؛
- تورّم؛
- أكزيما الدوالي (حكة، تهيجا أعصاب الجلد المرتبط بالضغط و انتفاخ الساق).
يمكن أن تكون قرحة الساق الوريدية عرضةً لعدوى بكتيرية. تشمل أعراض تعفن قرحة الساق:
- ازدياد الألم سوءاً؛
- ارتفاع في درجة الحرارة (حمى) إلى 38 درجة أو أعلى؛
- ألم، تحول سريع في المنطقة حول القرحة لتصبح حمراء لينة مع تقيح (abcedation).
عوامل الخطر(العوامل المساعدة) :
تشمل عوامل الخطر لحدوث قرحة الساق الوريدية ما يلي:
- البدانة و الوزن الزائد : تزيد البدانة من خطر ارتفاع ضغط الدم الوريدي hyperpression veineuse ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تلف صمامات الأوردة في الساقين، و بالتالي ركود الدم في الساقين و القدمين حسب قانون الجاذبية؛
- التوقف عن الحركة لفترة طويلة – وهذا يمكن أن يؤدي إلى إضعاف عضلة ربلة الساق و ركود الدم الوريدي stase du sang veineux ؛
- الخُثار الوريدي العميق – الخثرات الدموية التي تحدث داخل الساق، والتي يمكن أن تُتلِف الصمامات داخل الأوردة thrombose veineuse et thrombophlébite؛
- الدوالي الاولية الناتجة عن عيب وراثي – تورم وتضخم الأوردة الناجم عن خلل بالصمامات : وهنا غالبا مايكون المريض في مقتبل العمر؛
- إصابة سابقة في الساق، مثل كسر العظم، والتي قد تسبب جلطة وريدية عميقة؛
- مرض السكري : بسبب ضعف الدورة الدموية وزيادة خطر قرحات الضغط؛
- زيادة العمر : تصبح الدورة الدموية عموماً أقل كفاءةً عند التقدم بالعمر؛
- داء تصلب الشرايين artériopathie : انسداد الشرايين في الساقين والذي يُسبَّبه التدخين غالباً.
التشخيص :
يتم تشخيص قرحة الساق الوريدية على أساس الأعراض والتشخيص السريري للساق. يتم عادة البدء باستشارة طبيب الجلد الذي من المفترض أن يقوم بإجراء فحص بدني أولي للساق والجلد عند الوقوف والاستلقاء، كما يقوم بفحص النبض في القدمين. بعد ذلك، يتم تحويل المريض إلى عيادات الجراحة الوعائية للقيام بفحص دقيق للشرايين والأوردة عن طريق الفحص بالصدى الملون echodoppler و تحديد ما إذا كان سبب القرحة وريديا أو شريانياً.
في حالة القرحة الوريدية، غالبا مايتم تشخيص حالة متقدمة من الدوالي المستلزمة للجراحة أو حالة تلف صمامات الأوردة الناتجة عن جلدة وريدية قديمة thrombose veineuse profonde/ syndrome post-thrombotique
الفحص الوعائي المتقدم :
يشمل الإختبار أساسا الفحص بالصدى الملون لجميع أوعية الأطراف، أخذ قياس ضغط الدم في كل ساق، في الكاحل، ومقارنتها مع ضغط الدم في ذراعك. هنا يجب أن يكون ضغط الدم الشرياني نفسه في الذراعين والساقين وإلا وجب الحديث عن داء تصلب الشرايين.
من المهم التحقق من سلامة الشرايين لأنه إذا كان السبب في قرحة الساق فهناك حاجة إلى جراحة وعائية عاجلة لاستعادة تدفق الدم في الساق، وإلا قد يكون خطر بتر الساق و حتى تعفّن دموي sepsis المؤدي الى الموت .
طرق العلاج :
يُعتبر فحص الأوعية الدموية لدى أخصائي جراحة الأوعية حجر الزاوية الذي على أساسه يتمكن جراح الأوعية من وضع خريطة مستقبلية لعلاج القرحة الوريدية.
تنقسم سبل علاج قرحة الساق الوريدية إلى :
علاج سبب ارتفاع ضغط الدم الوريدي traitement de l’hyperpression veineuse، ويتسنى ذلك في أغلب الحالات عن طريق العلاج الجراحي لدوالي الساق، سنتطرق بالتفصيل إلى حيثيات و خيارات العلاج الجراحي و التدخلي للدوالي لاحقا (stripping, ligature de perforantes, laser endoveineux, radiofréquence et sclérose ..).
التنظيف الجراحي للقرحة من أجل مساعدة الجلد على النمو من جديد، و هنا يتم التعاون مع الزملاء أطباء الجلد. أحيانا يتم اللجوء إلى ضمادات معقمة ذات الضغط السلبي vacuumthérapie.
لبس الجوارب الضاغطة لمساعدة الأوردة العميقة على ضخ دم الأطراف السفلى إلى القلب، bas de compression. يعد هذا الإجراء جد هام في الوقاية من ظهور جديد للقرحة، لذا يجب وصفه كعلاج و ليس كاختيار. تمكن الجوارب الضاغطة من تفادي ظهور القرحة من جديد و ذلك بنسبة 70% بعد 6 أشهر من المواظبة على لبسها.
في بعض الحالات و لتسريع شفاء القرحة بعد عملية الدوالي، يتم اللجوء إلى زراعة الجلد فوق القرحة. يمكن أن يقوم جراح الأوعية بهذا الجزء من العلاج في نفس عملية الدوالي opération Combi : cure de varies+ greffe cutanée
بالنسبة للعلاج الموضعي، يمكن تطبيق ضمادات القرحة بعد إزالة الجوارب. تجدر الإشارة إلى أن هذه الضمادات مكلفة ماديا و خاصة في المغرب.
هناك العديد من الأنواع من الضمادات المستخدمة في علاج قرحة الساق الوريدية. يستخدم البعض نوع واحد فقط من الضمادات، في حين يستخدم آخرون ضمادات مصنوعة من عدة طبقات. تطبيق ضماد الضغط هو إجراء ماهر وينبغي أن يتم من قبل الممرضين المدربين في إدارة قرحة الساق manager d’ulcères.
يتم تغيير ضماد الساق عادةً بعد تغيير ضمادات قرحة الساق. يمكن للأربطة وضمادات القرحة أن تبقى في مكانها لمدة تصل إلى أسبوع، اعتماداً على كيفية الحاجة لتغيير الضمادات غالباً.
ضمادات القرحة:
الهدف من تطبيق ضمادات القرحة هو توفير الظروف الملائمة للقرحة التي تسمح لها بالشفاء. وقد وُجد أن نوع الضمادات الفعلية المستخدمة لا يؤثر على مدى سرعة شفاء القرحة.
المرحلة الأولى هي تنظيف القرحة. يمكن القيام بذلك عن طريق الغسل اللطيف بمياه الصنبورالدافئة. يُستخدم محلول سالين أحياناً (المياه المالحة) بدلاً من ذلك. الهدف من ذلك هو إزالة الأنسجة الميتة والمتهتكة التي تتراكم على سطح القرحة بين تغييرات الضمادات. يساعد إزالة هذا على التئام القرحة.
إذا كان هناك كمية كبيرة من الأنسجة الميتة، قد تحتاج الممرضة لإزالته باستخدام تقنية تسمى التنضير. يمكن استخدام ضمادات مصممة خصيصاً لسحب الأنسجة الميتة بعيداً أو مواد الكيميائية لإذابة الأنسجة الميتة. يتم تنفيذ ذلك تحت مخدر موضعي (حيث تُخدّرالمنطقة)، لذلك فإنه لا يؤلم.
سيتم استخدام ضمادات بسيطة وغير لزجة لتغطية القرحة كليا. سيساعد هذا على التئام الجروح، وتحسين الراحة والسيطرة على أي قيح. يجد العديد من المرضى أنهم يستطيعون القيام بتنظيف وتضميد القرحة لديهم تحت إشراف ممرضة الحي و الطبيب العام.
حاول أن تحافظ على نشاطك عن طريق المشي بانتظام. يمكن للجمود أن يجعل قرحة الساق الوريدية والأعراض المرافقة أسوأ، مثل الوذمة ( مناطق منتفخة وممتلئة بسائل).
بعض التعليمات لمرضى القرحة الوريدية :
- ارتدِ ضماد ضاغط وفقاً لتعليمات جراح الأوعية . إذا كان لديك أي مشاكل معه، لا تقم بإزالته بنفسك.
– تذكر أنه من الضروري إجراء فحص أوعية للتأكد من أن شرايين الساق تعمل بشكل طبيعي قبل بدء العلاج بالضغط. قد ينجم عن استخدام العلاج بالضغط بدون استشارة جراح أوعية لدى المرضى الذين يعانون من أمراض الشرايين المحيطية الشديدة في الساق خطر انسداد الشرايين و ربما بتر الساق..
– يمكن استخدام جوارب ضغط طبية مرنة من قبل المرضى الذين يملكون قوة مقبولة في أيديهم، لأنه يمكن أن يكون هناك صعوبة قليلة بارتدائها. تتوفر أنظمة حديثة تحتوي على اثنين من الجوارب، يتم ارتداؤهما معاًعلى الساق المتقرحة خلال النهار، ويُزال أحدهما ليلاً. تكون هذه أسهل استخداماً من جورب واحد سميك.
- حاول الحفاظ على ساقك المتأثرة مرتفعة كلما كنت جالساً أو مستلقياً .
- احرص على عدم أذية ساقك المتأثرة، وارتدي فقط أحذية مريحة مناسبة.
و في النهاية، ننصح الزملاء الأطباء بعدم التردد في أخذ رأي خبراء الأوعية الدموية و كذا القيام بفحص وعائي متخصص متى استدعت الضرورة ، و هنا نخص بالذكر أطباء الجلد، الأطباء العامون و أخصائيي الطب الباطني و التجميل.