التهاب الأوعية الدموية


التهابات الأوعية الدموية : صعوبة التشخيص و علاج باطني/وعائي
Vascularites : difficultés diagnostiques et polyvalente thérapeutique interniste et vasculaire
بقلم د. حميد شنان
تتكون الأوعية الدموية من ثلاثة أنواع رئيسية: الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية. و تكون الأوعية الدموية معاً شبكة ضخمة توصل الدم بعد ضخه من القلب إلى الأنسجة المختلفة للجسم ثم رجوعاً من الأنسجة إلى القلب.
و قد يؤثر الإلتهاب (Angeìte)على أي طبقة من الطبقات المختلفة لجدار الوعاء الدموى: البطانة الداخلية intima و الطبقة الوسطى média والغلاف الخارجى adventice مما قد يتسبب في حدوث تليف وضعف بجدار الوعاء الدموى مما قد يؤدى إلى تمدده و انفجاره فى بعض الأحيان وعلى العكس قد يؤدى الإلتهاب إلى حدوث ثخانة بجدار الوعاء الدموى أو تخثره مما قد يؤدى إلى ضيق الوعاء الدموى وقصور الدورة الدموية للأنسجة مما يخل بوظائف العضو المصاب. وقد يتأثر الوعاء بحيث يمكن علاجه وفي بعض الأحيان قد يصاب الوعاء الدموى بتلف دائم بحيث لا يمكن علاجه.
و يتضمن هذا المرض أنواع مختلفة منها ما لا يتطلب العلاج و يشفى بمنع العامل المسبب للإلتهاب و منها ما يتطلب العلاج طيلة الحياة.
الأنواع المختلفة للأوعية الدموية:
تتضمن الأوعية الدموية الأنواع الآتيه:
▪ الشرايين: و تشتمل الشرايين على أوعية كبيرة ومتوسطة الحجم تقوم بدفع الدم بعد ضخه من القلب إلى الأجزاء المختلفة من الجسم. أما عن الشرينات فهى النوع صغير الحجم من الشرايين والتى توصل الدم من الشرايين الكبيرة إلى الشعيرات الدموية.
▪ الشعيرات الدموية: و تقوم عملية تبادل المواد المختلفة بين الدم داخل الوعاء و الأنسجة فى هذه الأوعية الدموية الدقيقة حيث يعبر الأوكسيجين و المواد الغذائية من الدم إلى الأنسجة و يعبر ثانى أوكسيد الكربون والفضلات من الأنسجة إلى الدم حيث يحمل الدم بعد ذلك بواسطة الأوردة.
▪ الأوردة: و تقوم هذه الأوعية بنقل الدم المحمل بالفضلات من الأنسجة رجوعاً إلى القلب.
الأسباب:
لا يعرف السبب الفعلي للمرض فى كثير من الحالات و يمكن تقسيم التهاب الأوعية الدموية حسب السبب للنوعين الآتيين:
▪ التهاب الأوعية الدموية الثانوى (angéiite secondaire): و يشمل هذا النوع التهاب الأوعية الدموية المصاحب للأمراض الأخرى كمرض الالتهاب المفصلى الروماتويدى المصاحب للروماتويد المفصلى (polyarthrite rhumatoïde ) و مرض الذئبة الحمراء lupus LED .
▪ التهاب االأوعية الدموية الأولى (Angéiite primaire): قد يحدث التهاب الأوعية الدموية الأولى كنتيجة لتعاطى بعض العقاقير الدوائية و المواد الأخرى وتسمى هذه الحالة التهاب الأوعية الدموية الناتج عن فرط الحساسية. وفي بعض الحالات قد ينشأ التهاب الأوعية الدموية الأولى عن الإصابة بعدوى فيروسية كما هو الحال فى حالات الإصابة بفيروسي بى وسى الكبدي وفيروس مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز/AIDS) والفيروس المضخم للخلايا (سيتوميجالوفيرس/CMV) وفيروس ابشتاين بار(EBV) وفيروس البارفوفيرس بى 19(Parvovirus B19).
الأعراض:
تختلف أعراض المرض بحسب حجم الأوعية الدموية المصابة و كذلك نوع المرض. و من أكثر الأعراض حدوثاً:
▪ الشعور بالهمدان و الخمول؛
▪ الحمى؛
▪ ألم بالمفاصل و العضلات؛
▪ آلام و تورم المفاصل؛
▪ فقدان الشهية؛
▪ فقدان الوزن؛
▪ الطفح الجلدى أحمر اللون و المرتفع عن سطح الجلد و كذلك حدوث تقرحات بالجلد و الغرغرينا فى بعض الحالات؛
▪ تأثر العين بإلتهاب الملتحمة والصلبة والقزحية والشبكية مما قد يؤدى إلى إحمرار العين وضعف حاسة البصر و قد يصل الحال بالمريض إلى العمى؛
▪ تأثر الأذن:ضعف حاسة السمع مع الإصابة بالدوار؛
▪ تأثر الأنف:حدوث إنسداد بالأنف والنزيف الدموى من الأنف مع إحتمالية حدوث تشوهات بالأنف مثل هبوط عظمة الأنف؛
▪ تأثر الحنجرة والمجرى التنفسى: و يشمل الإصابة بضيق واختناقات بالحنجرة والمجرى التنفسى مما قد يؤدى إلى صعوبة التنفس؛
▪ تأثر الجهاز الهضمى:ألم و تقلصات بالبطن لاسيما بعد تناول الطعام و النزيف الدموى و إنثقاب جدار الجهاز الهضمى؛
▪ الرئتين: تأثر الرئتين بالعقد و الحبيبات و إنفجار الأوعية الدموية و الذى قد يؤدى إلى ضيق التنفس و السعال و البصاق الدموى و ألم الصدر و فشل الوظائف التنفسية فى بعض الحالات؛
▪ تأثر الكلي:تغير لون البول إلى اللون الأحمر أو البنى و ارتفاع مستوى الزلال بالبول و خلل في وظائف الكلي والذى قد يصل فى بعض الأحيان إلى الفشل الكلوي؛
▪ تأثر الأعصاب:حدوث تنميل أو ألم أو ضعف بالقدرة الحركية بالأطراف؛
▪ الجهاز العصبى المركزى:و قد تشتمل إصابة هذا الجهاز على حدوث التشنجات و الهلاوس وعدم القدرة على التركيز والسكتة الدماغية وعدم تناسق حركة الجسم وشلل بالأعصاب القحفية (المخية)؛
▪ تأثر القلب:قصور في وظائف القلب واضطراب كهرباء عضلة القلب والتهاب شغاف القلب (الغشاء الزلالى المحيط بالقلب) وقصور في الشريان التاجى وإحتشاء عضلة القلب (التنكرز ويعنى موت جزء من عضلة القلب)؛
▪ الأعضاء التناسلية:إحتشاء (التنكرز ويعنى موت جزء من العضو التناسلى) الأعضاء التناسلية كالخصيتين.
التشخيص:
قد يصعب تشخيص هذا المرض حيث قد تتشابه أعراضه مع غيره. و يعتمد تشخيص هذا المرض على التاريخ المرضى والفحص الإكلينيكى وقد يستعان ببعض الإختبارات مثل تحاليل صورة الدم وسرعة الترسيب (ESR) و البروتين التفاعلى سى (CRP) و البول و اختبارات الأجسام المضادة أنكا (ANCA) و البروتينات المترسبة بالبرودة و كذلك الأشعة التشخيصية كالأشعة عل الشرايين بالصبغة و تصوير الشرايين بالرنين المغناطيسى والمسح الذرى للأوعية الدموية و كذلك اختبارات رسم كهرباء العضلات والأعصاب ووظائف الرئة. وقد يتطلب الأمر الفحص المجهرى لأنسجة العضو المصاب لتأكيد المرض.
الأنواع:
هناك العديد من التقسيمات لمرض التهاب الأوعية الدموية اعتماداً على حجم الأوعية الدموية المصابة و التغيرات الباثولوجية التى تطرأ على الأنسجة الوعائية وكذلك اعتماداً على السبب. سوف نذكر أسماء و خصائص أكثر الأنواع شيوعاً.
▪ التهاب الأوعية الدموية الكبرى(vascularite des artères de gros calibre) : و يشتمل هذا النوع على التهاب الشرايين لتكاياسو (Takayasu Arteritis) و التهاب شرايين الصدغ بالخلايا العملاقة (Giant Cell Arteritis/Temporal Arteitis) و متلازمة كوجان (Cogan Syndrome) و التهاب الغضاريف المنتكس (Relapsing Polychondritis) ومرض بهجت (BehÇet’s disease).
– التهاب الشرايين لتكاياسو( artérite de Takayasu ):و يتميز هذا النوع بالتهاب الشريان الأورطى (الأبهر) و فروعه. و يؤثر هذا النوع على الإناث أكثر من الرجال لاسيما ما بين العاشرة و الأربعين عاماً من العمر. و تعتمد أعراض هذا المرض على العضو المصاب (الشرايين الطرفية والجهاز العصبى المركزى والقلب والكلي والأمعاء والشريان الرئوى). ومن أهم أعراض هذا المرض حدوث تقلصات عضلية (ألم مع ضعف بالحركة) بالأطراف العليا و السفلى مع الحركة. ويعتمد تشخيص هذا المرض على الأشعة التشخيصية لاسيما تصوير الشرايين بالرنين المغناطيسى و الأشعة بالصبغة على الشرايين.
– التهاب شرايين الصدغ بالخلايا العملاقة (maladie d’Horton):يتميز هذا المرض بالتهاب الشريان الأورطى aorte (الأبهر) و فروعه لاسيما فروع الشريان السباتى؛ و الذى يغذى الوجه وفروة الرأس؛ و بخاصةً شرايين منطقة الصدغ. و يؤثر هذا المرض على الإناث أكثر من الذكور. و يحدث هذا المرض فى أولئك الذين يتعدون الخمسين من العمر. و يميز هذا المرض أعراض الصداع و تقلصات عضلات الفك عند المضغ. و يعتبر تأثر حاسة البصر نظراً لالتهاب الشريان المغذى للعصب البصرى من أخطر أعراض هذا المرض و التى قد تؤدى إلى فقد حاسة البصر كاملةً. و يمكن فى هذا المرض تحسس سماكة و تعنقد و ضعف النبض بشريان الصدغ. و قد يستعان بالفحص المجهرى لعينة من الشريان الصدغى حيث قد يتضح التهاب جميع طبقات الجدار الشريانى و لاسيما بالحبيبات المكونة من كرات الدم البيضاء العملاقة. و غالباً ما يصاحب هذا المرض بألم العضلات الروماتزمي و الذى يتميز بحدوث تيبس و ألم بالرقبة و الكتفين و أسفل الظهر والوركين.
– مرض بهجت (maladie de BehÇet ):يعد مرض بهجت من الأمراض المناعية التى تتميز بحدوث تقرحات بالفم و الأعضاء التناسلية و طفح بالجلد و آلام و التهاب بالمفاصل. و يعتبر التهاب قزحية و شبكية العين و تأثر الأوعية الدموية و الجهاز العصبى من أخطر أعراض هذا المرض. وتشتمل إصابة الأوعية الدموية على حدوث إنسداد و تمدد بالشرايين و كذلك جلطات بالأوردة. ويصيب هذا المرض الذكور أكثر من الإناث و لاسيما ما بين العشرين و الثلاثين من العمر.
و يعتمد تشخيص هذا المرض على الأعراض الإكلينيكية حيث لا يتواجد أي من الإختبارات التشخيصية التى تساعد على تشخيص المرض. و يعتمد علاج هذا المرض على العضو المصاب .
– متلازمة كوجان (Cogan syndrome): يؤثر هذا المرض بشكل أساسى على العين و الأذن مما قد يتسبب فى فقد حاستى البصر و السمع. كما قد يصاحبه التهاب بالشريان الأبهر و فروعه.
▪التهاب الأوعية الدموية متوسطة الحجم (vascularite des artères de moyen calibre): قد يحدث هذا النوع مصاحباً لبعض الأمراض كما هو الحال فى مرض الالتهاب المفصلى الروماتويدى و مرض الذئبة الحمراء و مرض الجسوة (التصلب العام) و أنواع معينة من الأورام الخبيثة لكرات الدم البيضاء و كذلك العدوى بفيروس سى و بى الكبدي. على الناحية الأخرى قد يحدث هذا النوع كنوع أولي كما في حالة الإصابة بالتهاب الشرايين العقدي و مرض كوازاكي ومرض التهاب الأوعية الدموية الأولي للجهاز العصبى المركزي و مرض برجر.
– التهاب الشرايين العقدي (Polyarteritis nodosa):يصيب هذا المرض الذكور و الإناث بنسب متساوية. و لقد وجدت علاقة وطيدة بين هذا النوع من التهاب الأوعية الدموية و الإصابة بفيروس بى الكبدي. و من أكثر الأعضاء تأثراً بهذا المرض الجلد و الأعصاب و الكلي و الأمعاء. كما قد يتأثر كلاً من القلب و العين و الجهاز العصبي المركزي و الأعضاء التناسلية. و فى حالة تأثر الجلد فقد يتسبب التهاب الأوعية الدموية فى حدوث عقد و تقرحات بالجلد . وقد سمي المرض بهذا الإسم (العقدي) نظراً لحدوث ضعف و تمدد بأجزاء من قطر الشريان مما قد يتسبب فى ظهور كريات صغيرة بارزة من الشرايين فى أفلام الأشعة التشخيصية (انظر الصورة بالأسفل).
و يتم تشخيص هذا المرض إما عن طريق الأشعة التشخيصية كالأشعة بالصبغة على الشرايين أو عن طريق فحص عينة من نسيج الشريان المصاب.
– مرض كوازاكى (Kawasaki ):يصيب هذا المرض الأطفال صغار السن. و يعتبر التمدد والتخثر (التجلط) بشرايين القلب التاجية أبرز و أخطر علامات هذا المرض. و تتضمن أعراض هذا المرض الإصابة بالحمى و الطفح الجلدي و تضخم الغدد الليمفاوية و التهاب العين و الفم والحلق.
– مرض التهاب الأوعية الدموية الأولي للجهاز العصبى المركزي(Primary angitis of the central nervous system): يؤثر هذا المرض على المخ و الحبل الشوكي و يوجد نوعان من هذا المرض. و يحدث النوع الأول فى الذكور أكثر من الإناث أما النوع الثانى فيصيب الإناث بمقدار أربعة أضعاف الرجال. و يعتقد أن النوع الثانى من المرض ينتج عن ضيق و تقلص الأوعية الدموية أكثر من كونه التهاب بالأوعية الدموية. و غالباً ما يؤثر هذا المرض على المرضى فى متوسط المرحلة العمرية. و من أكثر الأعراض شيوعاً الصداع و التشويش الذهنى و التشنجات و السكتة الدماغية.
– مرض برجر( maladie de Buerger): يؤثر هذا المرض على الذكور أكثر من الإناث. وتوجد علاقة وطيدة بين هذا المرض و التدخين. و يؤثر هذا المرض تحديداً على شرايين و أوردة الأطراف و بخاصة الأطراف السفلية. و تبدأ الأعراض بحدوث ألم بسيط فى شكل تقلصات عضلية فى الطرف مع الحركة و الذى قد يتطور مع الوقت إلى حد الألم الغير محتمل حتى فى أوقات الراحة وكذلك حدوث الغرغرينا فى بعض الحالات. و لا يصاحب هذا المرض بأى تغيرات معملية و يتم تشخيصه بالأعراض الإكلينيكية و الأشعة التشخيصية. و يعتمد العلاج بصورة أساسية على الإقلاع عن التدخين و قد يصل الأمر فى بعض الحالات إلى بتر الطرف المصاب.
▪التهاب الأوعية الدموية الصغرى ( vascularites des artères de petit calibre ): يوجد العديد من الأنواع التى تؤثر على الأوعية الدموية الصغرى (الشرينات و الشعيرات الدموية والوريدات).
– التهاب الأوعية الدموية لتشيرش ستراوس (vascularite de Churg Strauss ): يحدث هذا النوع من التهاب الأوعية الدموية فى المرضى المصابين بالربو الشعبى. و من أكثر ما يميزه إصابة الرئتين ووجود الأجسام المضادة أنكا (ANCA). كما أنه قد يصيب الكليتين و الأعصاب و الأذن والعين والجهاز الهضمى والقلب والجلد و المفاصل.
– التهاب الأوعية الدموية الحبيبى فيجينر(Wegener’s granulomatosis):يصيب هذا المرض الذكور و الإناث على حد السواء.و عادةً ما يؤثر هذا المرض على الأنف والجيوب الأنفية والأذن (انظر الصورة بالأسفل) و الرئتين و الكلى. كما قد يؤثر على الأعصاب و القلب و الجهاز الهضمى والعين بالإضافة إلى الطفح الجلدى والتهاب المفاصل. و يمكن الاستعانة بفحص عينات الأنسجة من أي من هذه الأماكن وكذلك اختبار الأجسام المضادة لأنكا (ANCA) لتشخيص المرض. و يسمى هذا النوع بالحبيبى نظراً لوجود حبيبات من كرات الدم البيضاء المتجمعة عند الفحص المجهري للإنسجة المصابة.
– التهاب الأوعية الدموية العديدة المجهري: يؤثر هذا المرض على الذكور و الإناث على حد السواء و عادةً ما يصاب المرضى فى منتصف العمر. و يعد هذا المرض أكثر أسباب الالتهاب المناعى للكلي و الرئتين شيوعاً. كما قد يتأثر كل من الأذن و العين والجهاز الهضمي و القلب والجلد والمفاصل. و يصاحب هذا المرض وجود الأجسام المضادة أنكا (ANCA).
– الطفح الجلدى الناتج عن التهاب الأوعية الدموية لهينوخ شونلاين (Henoch Schonlein Purpura): يعد هذا المرض أكثر أنواع التهاب الأوعية الدموية شيوعاً فى الأطفال و قد يؤثر هذا المرض على البالغين فى بعض الأحيان. و فى الأطفال يعد الذكور المصابين ضعف عدد الإناث المصابات أما فى البالغين فإن المرض يؤثر على الذكور و الإناث على حد السواء. و يتميز هذا المرض بترسيب الأجسام المضادة أ (Immunoglobulin A) فى و حول الأوعية الدموية. وتشتمل أعراض هذا المرض على حدوث طفح بالجلد على هيئة نقط صغيرة حمراء أو بنفسجية اللون مرتفعة السطح و ألم بالبطن مع احتمالية حدوث نزيف و التهاب المفاصل و التهاب الكلي مما قد يؤدى إلى تغيير لون البول إلى اللون الأحمر أو البنى فيصبح البول شبيه اللون بالشاي أو القهوة. و عادةً ما يتم تشخيص هذا المرض بالأعراض الإكلينيكية و قد يستعان بالفحص المجهري لأنسجة الكلي و الجلد.
– التهاب الأوعية الدموية المصاحب بترسب الجاوبيولينات البردية فى جدار و داخل الأوعية الدموية فى درجة الحرارة المنخفضة (Cryoglobulinemic vasculitis): تشتمل هذه البروتينات على الأجسام مضادة و المستضدات (الأنتيجينز) البروتينية. و عند تعرض هذه البروتينات للبرودة فإنها تترسب على هيئة كتل كبيرة فى جدار و داخل الأوعية الدموية.
و يوجد العديد من الأنواع لهذا المرض منها ما قد يحدث مع الأورام الخبيثة لخلايا الدم و منها ما قد يحدث مع بعض الأمراض الروماتيزمية مثل الذئبة الحمراء و كذلك منها ما قد يحدث مع الإصابة بفيروس سى الكبدي. و تشتمل الأعراض الأكثر شيوعاً الآتى:
◦ ألم بالمفاصل و العضلات؛
◦ الشعور بالهمدان و الخمول؛
◦ الطفح الجلدى أحمر اللون و المرتفع عن سطح الجلد؛
◦ تخثر و جلطات بالأوعية الدموية؛
◦ التهاب الكلى؛
◦ تأثر الأعصاب.
و تسوء هذه الأعراض بتعرض المريض للبرودة نظرا لترسب البروتينات فى جدار و داخل الأوعية الدموية فى الحرارة المنخفضة.
و يتم تشخيص هذا المرض إما بإكتشاف هذه البروتينات فى دم المريض عن الطريق التحليل المعملي أو عن طريق الفحص المجهري لأنسجة الكلي.
– التهاب الأوعية الدموية الناتج عن فرط الحساسية (vascularite d’hypersensibilité) : يحدث التهاب الأوعية الدموية الناتج عن فرط الحساسية عن تعاطى بعض العقاقير الطبية. ولتشخيص هذا المرض لابد من توافر الآتى:
◦ أن يتخطى المريض السادسة عشرة عاما من العمر؛
◦ أن يسبق حدوث الأعراض تعاطي أحد العقاقير التي من الممكن أن تسبب المرض؛
◦ حدوث طفح بالجلد متمثل فى نقط صغيرة حمراء أو بنفسجية اللون مرتفعة السطح؛
◦ تطابق نتائج الفحص المجهري لأنسجة الكلي مع التشخيص المبدئي.
طرق التشخيص :
يعد التشخيص النوعي لالتهابات الأوعية من بين الأصعب على الإطلاق، فهي تحتاج إلى دراية واسعة بالأمراض الوعائية الشائعة، حتى يتسنى كشف الفرق في التشخيص. عادة مايتم التشخيص في عيادات الاستكشافات الوعائية الوظيفية (laboratoire d’exploration vasculaire fonctionnelle) و عيادات طب الباطنة الوعائية Angiologie. هنا يتم اتباع خطة تشخيصية واضحة تعتمد بالأساس على :
▪ الفحص السريري الوعائي المتخصص : البحث عن تمددات وعائية، علامات جلطات، أعراض قصور الشرايين…
▪ فحوصات مختبرية بسيطة و معقدة : مثل
– علامات الالتهاب : CRP, VS, NFS, Plaquettes,fibrinogene, complément…
– الفحص بالصدى الملون و الدوبلر Echodoppler vasculaire :
من خلاله يتم الكشف عن تضيقات و انسدادات الشرايين و التي غالبا ماتكون بطابع خاص مختلف عما هو معتاد في داء تصلب الشرايين. فقد يلاحظ تضخم جدار الوعاء و وجود علامات التهاب وعائي signes d’inflammation : Signe du Halot, épaississement pariétal, absence de plaques d’athérosclérose ….
تلعب الخبرة في مجال الاستكشافات الوعائية دورا حاسما في التشخيص المبكر للمرض.
– الفحوصات المقطعية بأشعة X أو بالرنين المغناطيسي : خصوصا في حالة التخطيط لجراحة وعائية.
– فحص النسيج الوعائي biopsie vasculaire : في حالات كثيرة، خصوصا في الحالات المستعصية يتم اللجوء إلى جراحة وعائية بسيطة من أجل أخد عينة من النسيج الوعائي و فحصه مخبريا anatomopathologie. مثال : biopsie temporale en cas de maladie d’Horton.
العلاج:
ينقسم علاج هذا النوع من الأمراض إلى شطرين :
▪العلاج الأساسي (traitement de fond) و يعتمد بالأساس على أدوية نوعية، تستهدف المناعة والحد من التهاب جدار الأوعية، و هنا يتم الاستعانة بخبرة الطب الباطني في تسيير هذا النوع من العلاج.
▪العلاج العرضي (traitement symptomatique) و يعتمد بالأساس على الحد من الآلام والتخفيف من الأعراض.
▪العلاج الوعائي : يقوم على تعويض الشرايين الملتهبة و المتضيقة بواسطة توصيلات حيوية من أجل الحد من أعراض قصور الشرايين التي لا تزول بالأدوية و الحد من خطورة بتر الأعضاء.
العلاج الأساسي traitement de fond :
يعتمد علاج المرض على نوعه و العضو المصاب. و من أكثر المجموعات الدوائية إستخداما فى هذا المرض الآتى:
▪ العقاقير الكورتيزونية corticothérapie : تشتمل هذه المجموعة على عقاقير عدة مثل البريدنيزولون prednisolone والذى يعطى عن طريق الفم والعقاقير التي تعطى عن طريق الوريد كالميثيل بريدنيزولون methylprédnisolone en Bolus والذى يعطى فى حالات المرض الشديدة. ويجب استخدام هذه العقاقير لأقل فترة ممكنة لتجنب أعراضها الجانبية كارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى السكر بالدم والسمنة وهشاشة العظام. وفي الحالات التي تتطلب تعاطي تلك العقاقير لفترة طويلة فيجب متابعة المريض للإكتشاف المبكر لحدوث مثل تلك الأعراض وأخذ التدابير اللازمة للتقليل من احتمالية حدوثها كما فى حالة تناول بعض العقاقير للتقليل من احتمالية حدوث هشاشة العظام.
▪ العقاقير السامة للخلايا ( thérapie cytotoxique): قد تتطلب الحالات الشديدة والخطيرة استخدام العقاقير السامة للخلايا والمجمدة للجهاز المناعى كالإندوكسان (Endoxan). و تعطى هذه المجموعة الدوائية إما عن طريق الفم يومياً أو فى الوريد كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع. ويتم استخدام هذه المجموعة الدوائية لحين السيطرة على الأعراض. ولابد من متابعة المريض عن كثب للإكتشاف المبكر للأعراض الخطيرة التى قد تحدث مع هذه المجموعة الدوائية كتثبيط النخاع العظمى وحدوث الأورام الخبيثة.
▪ العقاقير المعدلة للجهاز المناعى(Disease modifying anti-inflammatory drugs/ Immunosuppressive drugs):
يعتبر عقارى الميثوتريكسات(Methotrexate) والإميوران (Imuran) من الأدوية المتبثة للمناعة و التى يمكن استخدامها فى الحالات الأقل شدة وخطورة وكذلك كعلاج محافظ على خمول المرض بعد وقف تعاطي عقار الإندوكسان.
▪ مضادات عامل نخر الورم ( TNF antagonistes): قد تساعد هذه المجموعة الدوائية في علاج بعض أنواع التهاب الأوعية الدموية مثل مرض بهجت. و تشمل هذه المجموعة عقارالريميكاد (Remicade) والهيوميرا (Humira) و الإنبريل (Enbrel).
▪ العقار البيولوجى المابثيرا (Mabthera) و يستخدم هذا العقار في الحالات المستعصية من مرضى التهاب الأوعية الدموية الحبيبى فيجينرwagener
العلاج العرضي :
يعتمد هذا العلاج أساسا على مضادات الألم و مضادات الالتهاب AINS. هذا بالإضافة إلى مضادات التجلط (Anticoagulants) الذي قد يستعان بها لمنع حدوث التجلط داخل الأوعية الدموية لاسيما فى مرضي بهجت و التهاب الشرايين لتكاياسو و أيضاً مرض كوازاكى. و كمثال نجد الجرعة الصغيرة من الأسبيرين aspirine و الوارفارين coumadine في حالة وجود جلطات وريدية أو عوامل thrombophilie.
جراحة الأوعية :
يتجلى دور الجراحة الوعائية في هذا النوع من الأمراض في تعويض الشرايين الملتهبة، و يكون غالبا بواسطة التوصيلات الحيوية الوريدية pontages veineux ou homograft و ذلك لأسباب تعود أساسا لضعف الجدارالوعائي الملتهب و عدم تحمله ضغط البالون و الدعامات، بالإضافة إلى سرعة تآكل و ضمور الدعامة بسبب الالتهاب الجداري للوعاء.
لهذا، فإن دور جراح الأوعية في تقييم طرق علاج قصور الشرايين الناتج عن الالتهاب يبقى محوريا.